فصل: 1907 - مَسْأَلَةٌ: وَإِنْ وَهَبَتْ الْمَرْأَةُ لَيْلَتَهَا لِضَرَّتِهَا جَازَ ذَلِكَ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المحلى بالآثار في شرح المجلى بالاختصار **


أَحْكَامُ قَسْمِ الزَّوْجَاتِ

1904 - مَسْأَلَةٌ‏:‏

وَإِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ بِكْرًا حُرَّةً أَوْ أَمَةً مُسْلِمَةً أَوْ كِتَابِيَّةً، وَلَهُ زَوْجَةٌ أُخْرَى حُرَّةٌ أَوْ أَمَةٌ فَعَلَيْهِ أَنْ يَخُصَّ الْبِكْرَ بِمَبِيتِ سَبْعِ لَيَالٍ عِنْدَهَا، ثُمَّ يُقَسِّمَ فَيَعُودَ، وَلاَ يُحَاسِبَهَا بِتِلْكَ السَّبْعِ، وَلاَ بِشَيْءٍ مِنْهَا فَإِنْ تَزَوَّجَ ثَيِّبًا حُرَّةً أَوْ أَمَةً وَعِنْدَهُ زَوْجَةٌ أُخْرَى حُرَّةٌ أَوْ أَمَةٌ مُسْلِمَةٌ أَوْ كِتَابِيَّةٌ فَلَهُ أَنْ يَخُصَّهَا بِمَبِيتِ ثَلاَثِ لَيَالٍ، ثُمَّ يُقَسِّمُ وَيَعْدِلُ، وَلاَ يُحَاسِبُهَا بِتِلْكَ الثَّلاَثِ، فَإِنْ زَادَ عَلَى الثَّلاَثِ أَقَامَ عِنْدَ غَيْرِهَا كَمَا أَقَامَ عِنْدَهَا سَوَاءً سَوَاءً، وَيَسْقُطُ حُكْمُهَا فِي التَّفْضِيلِ، وَلاَ يَحِلُّ لَهُ فِي كُلِّ مَا ذَكَرْنَا كَانَتْ عِنْدَهُ زَوْجَةٌ غَيْرَهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْ صَلاَةِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ، وَلاَ عَنْ صَلاَةِ الْجُمُعَةِ، فَإِنْ فَعَلَ فَهِيَ مَعْصِيَةٌ وَجُرْحَةٌ فِيهِ، كَسَائِرِ النَّاسِ، وَلاَ فَرْقَ، وَلاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَخُصَّ امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ بِأَنْ تُسَافِرَ مَعَهُ إِلاَّ بِقُرْعَةٍ برهان ذَلِكَ‏:‏ مَا رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْبَزَّارِ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ لِلْبِكْرِ سَبْعًا وَلِلثَّيِّبِ ثَلاَثًا وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ قَاسِمٍ قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي قَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قَاسِمٍ، حَدَّثَنَا جَدِّي قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ، حَدَّثَنَا أَبُو قِلاَبَةَ هُوَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ يَزِيدَ الرَّقَاشِيُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ هُوَ الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيِّ، وَخَالِدٍ الْحَذَّاءِ كِلاَهُمَا عَنْ أَبِي قِلاَبَةَ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ الْجَرْمِيُّ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ‏"‏ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ إذَا تَزَوَّجَ الْبِكْرَ أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا، وَإِذَا تَزَوَّجَ الثَّيِّبَ أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلاَثًا وَقَدْ رُوِّينَاهُ بِأَنَّ أَنَسًا قَالَ‏:‏ هِيَ السُّنَّةُ وَكُلُّ ذَلِكَ حَقٌّ، وَاَلَّذِي ذَكَرْنَا بَيَانٌ وَاضِحٌ فِي إسْنَادِهِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ هُوَ الْقَعْنَبِيُّ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ يَعْنِي ابْنَ بِلاَلٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حُمَيْدٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ حِينَ تَزَوَّجَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ عَلَيْهَا فَأَرَادَ أَنْ يَخْرُجَ أَخَذَتْ بِثَوْبِهِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ إنْ شِئْتُ زِدْتُكِ وَحَاسَبْتُكِ بِهِ لِلْبِكْرِ سَبْعٌ وَلِلثَّيِّبِ ثَلاَثٌ وَمِنْ طَرِيقِ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ تَزَوَّجَ أُمَّ سَلَمَةَ وَأَصْبَحَتْ عِنْدَهُ قَالَ لَهَا‏:‏ لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ، إنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ عِنْدَكِ، وَإِنْ شِئْتِ ثَلَّثْتُ ثُمَّ دُرْتُ قَالَتْ‏:‏ ثَلِّثْ وَرُوِّينَا هَذَا الْخَبَرَ بَيْنَ الْإِسْنَادِ مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالاَ جَمِيعًا ‏:‏، حَدَّثَنَا يَحْيَى، هُوَ ابْنُ سَعِيدٍ الْقَطَّانُ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ، هُوَ ابْنُ مُحَمَّدِ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا تَزَوَّجَهَا أَقَامَ عِنْدَهَا ثَلاَثًا، وَقَالَ‏:‏ لَيْسَ بِكِ عَلَى أَهْلِكِ هَوَانٌ، إنْ شِئْتِ سَبَّعْتُ لَكِ، وَإِنْ سَبَّعْتُ لَكِ سَبَّعْتُ لِنِسَائِي ‏.‏

وَبِهِ يَقُولُ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَالشَّعْبِيُّ، وَمَالِكٌ، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ، وَجَمِيعُ أَصْحَابِهِمْ وَذَهَبَتْ طَائِفَةٌ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ‏:‏ وَهُوَ أَنَّ لِلْبِكْرِ ثَلاَثَ لَيَالٍ، وَلِلثَّيِّبِ لَيْلَتَانِ‏:‏

رُوِّينَا ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ أَنَّهُ سَأَلَ عَطَاءً عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ عَطَاءٌ‏:‏ يُؤْثِرُونَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ لِلْبِكْرِ ثَلاَثٌ، وَلِلثَّيِّبِ لَيْلَتَانِ

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ عَنْ يُونُسَ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ الْحَسَنِ قَالَ‏:‏ لِلْبِكْرِ ثَلاَثٌ، وَلِلثَّيِّبِ لَيْلَتَانِ‏.‏

وَمِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ قَالَ‏:‏ يَمْكُثُ عِنْدَ الْبِكْرِ ثَلاَثًا ثُمَّ يُقَسِّمُ، وَعِنْدَ الثَّيِّبِ يَوْمَيْنِ ثُمَّ يُقَسِّمُ وَهُوَ قَوْلُ خِلاَسِ بْنِ عَمْرٍو، وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، وَالأَوْزَاعِيِّ‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ‏:‏ لاَ يُقِيمُ عِنْدَ ثَيِّبٍ، وَلاَ بِكْرٍ إِلاَّ مَا يُقِيمُ عِنْدَ غَيْرِهِمَا مِمَّنْ عِنْدَهُ

وَهُوَ قَوْلُ الْحَكَمِ بْنِ عُتَيْبَةَ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ، وَأَبِي حَنِيفَةَ، وَأَصْحَابِهِ

وَاحْتَجَّ مَنْ ذَهَبَ إلَى قَوْلِ الْحَسَنِ، وَابْنِ الْمُسَيِّبِ بِخَبَرٍ رُوِّينَاهُ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالاَ جَمِيعًا‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ‏:‏ لِلْبِكْرِ ثَلاَثٌ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ هَذَا مُرْسَلٌ، وَلاَ حُجَّةَ فِيهِ فَسَقَطَ هَذَا الْقَوْلُ وَوَجَدْنَا مَنْ ذَهَبَ إلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ يَحْتَجُّونَ بِمَا يَجِبُ مِنْ الْعَدْلِ بَيْنَ النِّسَاءِ وَبِالْخَبَرِ الثَّابِتِ الَّذِي فِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ‏:‏ مَنْ كَانَتْ لَهُ امْرَأَتَانِ فَمَالَ إلَى إحْدَاهُمَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَشِقُّهُ مَائِلٌ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ الَّذِي قَالَ هَذَا الْقَوْلُ هُوَ الَّذِي حَكَمَ لِلْبِكْرِ بِسَبْعٍ زَائِدَةٍ، وَلِلثَّيِّبِ بِثَلاَثٍ زَائِدَةٍ، وَلاَ يَحِلُّ لأََحَدٍ أَنْ يَتْرُكَ قَوْلاً لَهُ عليه الصلاة والسلام لِقَوْلٍ لَهُ آخَرَ مَا دَامَ يُمْكِنُ اسْتِعْمَالُهَا جَمِيعًا، بِأَنْ يَضُمَّ بَعْضَهَا إلَى بَعْضٍ، أَوْ بِأَنْ يَسْتَثْنِيَ بَعْضَهَا مِنْ بَعْضٍ، وَمَنْ تَعَدَّى هَذَا فَهُوَ عَاصٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

وَمِنْ عَجَائِبِ الدُّنْيَا أَنَّ الْحَنَفِيِّينَ الْمُخَالِفِينَ بِأَهْوَائِهِمْ الْفَاسِدَةِ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَهُنَا يُوجِبُونَ فِي الْقِسْمَةِ لِلزَّوْجَةِ الْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ وَلِلزَّوْجَةِ الأَمَةِ لَيْلَةً، وَهَذَا هُوَ الْمِيلُ حَقًّا، وَالْجَوْرُ صِرَاحًا، لاَ سِيَّمَا مَعَ قَوْلِهِمْ‏:‏ إنَّ لِلْحُرَّةِ الْيَهُودِيَّةِ وَالنَّصْرَانِيَّةِ لَيْلَتَيْنِ، وَلِلأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ لَيْلَةً، وَلاَ يَسْتَحْيُونَ مِنْ هَذَا التَّفْضِيلِ بِالْبَاطِلِ

وقال بعضهم‏:‏ قَدْ جَاءَ فِي ذَلِكَ أَثَرٌ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهَذَا لاَ يُعْرَفُ ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَكَانَ لاَ يَجُوزُ الأَخْذُ بِهِ، لأََنَّهُ مُرْسَلٌ وَعَجَبٌ آخَرُ وَهُوَ أَنَّهُمْ يُجِيزُونَ لِمَنْ لَهُ زَوْجَةٌ حُرَّةٌ مُسْلِمَةٌ، وَأَمَةٌ نَصْرَانِيَّةٌ، أَنْ يُقَسِّمَ لِلْحُرَّةِ لَيْلَةً، وَلِلْمَمْلُوكَةِ الْيَهُودِيَّةِ ثَلاَثَ لَيَالٍ، فَاعْجَبُوا لِهَذِهِ الْفَضَائِحِ‏.‏ وَلَهُمْ هَهُنَا اعْتِرَاضَاتٌ تَشْهَدُ بِقِلَّةِ حَيَاءِ الْمُعْتَرِضِ بِهَا، وَرِقَّةِ دِينِهِ كَتَعَلُّقِهِمْ بِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام‏:‏ إنْ سَبَّعْتُ لَكِ سَبَّعْتُ لِنِسَائِي فَقَالُوا‏:‏ هَذَا حَدِيثٌ يُوجِبُ التَّسْوِيَةَ، وَنَسُوا أَنْفُسَهُمْ فِي قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام فِي هَذَا الْخَبَرِ نَفْسِهِ‏:‏ وَإِنْ شِئْتِ ثَلَّثْتُ وَدُرْتُ فَاعْتَرَضُوا بِعُقُولِهِمْ الرَّكِيكَةِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَّمُوهُ الْعَدْلَ وَالْحِسَابَ وَقَالُوا‏:‏ إنَّمَا كَانَ يَنْبَغِي لَوْ سَبَّعَ عِنْدَهَا أَنْ يُحَاسِبَهَا بِالأَرْبَعِ لَيَالٍ الزَّائِدَةِ عَلَى الثَّلاَثِ الَّتِي هِيَ حَقُّهَا

قال أبو محمد‏:‏ وَهَذَا مِنْ الْحُمْقِ وَرِقَّةِ الدِّينِ فِي النِّهَايَةِ الْقُصْوَى، لأََنَّهُ لاَ يَجِبُ حَقٌّ لأََحَدٍ إِلاَّ أَنْ يُوجِبَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاَلَّذِي أَوْجَبَ لَهَا ثَلاَثَ لَيَالٍ أَلَمُّ بِهَا دُونَ ضَرَّتِهَا، هُوَ الَّذِي أَسْقَطَهَا إنْ سَبَّعَ عِنْدَهَا لاَ يَعْتَرِضُ عَلَيْهِ إِلاَّ كَافِرٌ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ الضَّلاَلِ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏

فَإِنْ قَالُوا‏:‏ فَمَا قَوْلُكُمْ إنْ أَقَامَ عِنْدَ الثَّيِّبِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثٍ وَأَقَلَّ مِنْ سَبْعٍ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعٍ، أَوْ أَقَامَ عِنْدَ الْبِكْرِ أَوْ الثَّيِّبِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعٍ وَلَهَا ضَرَّةٌ، أَوْ ضَرَائِرُ زَوْجَاتٌ

قلنا‏:‏ نَعَمْ، أَمَّا إنْ أَقَامَ عِنْدَ الثَّيِّبِ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاَثٍ وَأَقَلَّ مِنْ سَبْعٍ، فَلاَ يُحَاسِبُهَا إِلاَّ بِمَا زَادَ عَلَى الثَّلاَثِ، وَأَمَّا إنْ أَقَامَ عِنْدَهَا أَوْ عِنْدَ الْبِكْرِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعٍ، فَإِنَّهُ يُحَاسِبُ الثَّيِّبَ بِجَمِيعِ مَا أَقَامَ عِنْدَهَا، وَيُوفِي ضَرَّتَهَا أَوْ ضَرَائِرَهَا مِثْلَ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَلاَ يُحَاسِبُ الْبِكْرَ إِلاَّ بِمَا زَادَ عَلَى السَّبْعِ فَقَطْ برهان ذَلِكَ‏:‏ أَنَّ الثَّلاَثَ حَقُّ الثَّيِّبِ، وَالسَّبْعَ حَقُّ الْبِكْرِ، فَمَا زَادَ عَلَى هَذَيْنِ فَهُوَ ظُلْمٌ يُحَاسِبُهَا بِهِ، وَلاَ يَسْقُطُ حَقُّ الثَّيِّبِ فِي أَنْ أَلَمَّ بِالثَّلاَثِ إِلاَّ حَيْثُ أَسْقَطَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَطْ، وَلَيْسَ ذَلِكَ إِلاَّ أَنْ يُسَبِّعَ لَهَا وَزَادَ عَلَى السَّبْعِ، لأََنَّ الزِّيَادَةَ عَلَى السَّبْعِ تَسْبِيعٌ وَزِيَادَةٌ، وَقَدْ سَقَطَ حَقُّهَا فِي الثَّلاَثِ بِالتَّسْبِيعِ، فَإِذَا سَقَطَ لَمْ يَعُدْ بِالزِّيَادَةِ عَلَى السَّبْعِ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ وَاحْتَجُّوا لِقَوْلِهِمْ‏:‏ يُقَسِّمُ لِلْحُرَّةِ لَيْلَتَيْنِ، وَلِلزَّوْجَةِ الْمَمْلُوكَةِ لَيْلَةً بِرِوَايَةٍ ‏[‏ فَاسِدَةٍ ‏]‏ رُوِّينَاهَا مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ أرنا ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنْ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ ذَرٍّ أَوْ عَبَّادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الأَسَدِيِّ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ‏:‏ إذَا تَزَوَّجَ الْحُرَّةَ عَلَى الأَمَةِ قَسَّمَ لِلأَمَةِ الثُّلُثُ، وَلِلْحُرَّةِ الثُّلُثَانِ وَهَذَا لاَ يَصِحُّ، لأََنَّ ابْنَ أَبِي لَيْلَى سَيِّئُ الْحِفْظِ، وَالْمِنْهَالُ ضَعِيفٌ‏.‏

وَرُوِيَ عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ مِقْسَمٍ، أَنَّهُ قَالَ‏:‏ لَمْ يَثْبُتْ لِلْمِنْهَالِ شَهَادَةٌ فِي الإِسْلاَمِ وَلَكِنَّهُ صَحِيحٌ مِنْ قَوْلِ إبْرَاهِيمَ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، وَمَسْرُوقٍ، وَالشَّعْبِيِّ، وَالْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَرُوِيَ عَنْ عَطَاءٍ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ

وَهُوَ قَوْلُ عُثْمَانَ الْبَتِّيِّ، وَالشَّافِعِيِّ وقال مالك، وَاللَّيْثُ، وَأَبُو سُلَيْمَانَ‏:‏ الْقَسَمُ بَيْنَهُمَا سَوَاءٌ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ لاَ حُجَّةَ فِي أَحَدٍ دُونَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ تَوَعَّدَ عليه الصلاة والسلام كَمَا أَوْرَدْنَا قَبْلُ عَلَى الْمَيْلِ إلَى زَوْجَةٍ دُونَ أُخْرَى وَلَمْ يَخُصَّ حُرَّةً مِنْ أَمَةٍ، وَلاَ مُسْلِمَةً مِنْ كِتَابِيَّةٍ وَاحْتَجُّوا مِنْ قِيَاسِهِمْ الْفَاسِدِ بِأَنْ قَالُوا‏:‏ لَمَّا كَانَتْ عِدَّةُ الأَمَةِ نِصْفَ عِدَّةِ الْحُرَّةِ‏:‏ وَجَبَ أَنْ يَكُونَا فِي الْقَسَمِ كَذَلِكَ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ وَهَذَا فِي غَايَةِ الْفَسَادِ‏:‏ أَوَّلُ ذَلِكَ أَنَّنَا لاَ نُوَافِقُهُمْ عَلَى أَنَّ عِدَّةَ الأَمَةِ نِصْفُ عِدَّةِ الْحُرَّةِ، ثُمَّ عَلَى قَوْلِهِمْ الْمُخْتَلِطِ لاَ يَخْتَلِفُونَ أَنَّ عِدَّةَ الأَمَةِ الْحَامِلِ كَعِدَّةِ الْحُرَّةِ الْحَامِلِ فَهَلاَّ جَعَلُوا الْقِسْمَةَ لَهُمَا سَوَاءً مِنْ أَجْلِ تَسَاوِيهِمَا فِي الْعِدَّةِ الْمَذْكُورَةِ‏.‏ وَيَقُولُونَ‏:‏ إنَّ عِدَّةَ الأَمَةِ بِالأَقْرَاءِ ثَلاَثًا عِدَّةَ الْحُرَّةِ، فَهَلاَّ قَسَمُوا لَهَا الثُّلُثَيْنِ مِنْ قَسَمِ الْحُرَّةِ لِمَا ذَكَرْنَا، وَلاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ الأَمَةَ لاَ تَرِثُ، وَأَنَّ الْحُرَّةَ تَرِثُ، فَهَلاَّ جَعَلُوا الأَمَةَ لاَ قِسْمَةَ لَهَا، كَمَا لاَ مِيرَاثَ لَهَا، وَكَمَا لاَ شَهَادَةَ لَهَا عِنْدَهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ فِي أَهْذَارِهِمْ مِثْلُ الْغَرِيقِ بِمَا أَحَسَّ تَعَلَّقَ‏.‏ وَاحْتَجُّوا فِي قَوْلِهِمْ الْفَاسِدِ‏:‏ إنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يَقْسِمَ لِلْحُرَّةِ لَيْلَةً، ثُمَّ يَبِيتَ ثَلاَثَ لَيَالٍ حَيْثُ شَاءَ، بِرِوَايَاتٍ سَاقِطَةٍ عَنْ كَعْبِ بْنِ سَوَّارٍ‏:‏ أَنَّهُ حَكَمَ بِذَلِكَ بِحَضْرَةِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَأُعْجِبَ عُمَرُ بِذَلِكَ وَهَذَا لاَ يَصِحُّ؛ لأََنَّهُ إنَّمَا رَوَاهُ عَنْ عُمَرَ‏:‏ الشَّعْبِيُّ، وَقَتَادَةُ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَكُلُّهُمْ لَمْ يُولَدْ إِلاَّ بَعْدَ مَوْتِ عُمَرَ ثُمَّ لَوْ صَحَّ لَمَا كَانَ فِي أَحَدٍ حُجَّةٌ غَيْرَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَمَّا التَّخَلُّفُ عَنْ صَلاَةِ الْجَمَاعَةِ فَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي ‏"‏ كِتَابِ الصَّلاَةِ ‏"‏ مِنْ دِيوَانِنَا هَذَا وَغَيْرِهِ إيجَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ، وَتَوَعُّدَهُ بِحَرْقِ بُيُوتِ الْمُتَخَلِّفِينَ عَنْهَا لِغَيْرِ عُذْرٍ وَقَدْ تَزَوَّجَ عليه الصلاة والسلام وَأَصْحَابُهُ فَمَا مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ تَخَلَّفَ فِي التَّسْبِيعِ وَالتَّثْلِيثِ عَنْ صَلاَةِ الْجَمَاعَةِ وَالْجُمُعَةِ، وَإِنَّمَا هِيَ ضَلاَلَةٌ أَحْدَثَهَا الشَّيْطَانُ‏.‏

وَأَمَّا السَّفَرُ بِامْرَأَةٍ مِنْ زَوْجَاتِهِ أَوْ بِامْرَأَتَيْنِ أَوْ بِثَلاَثٍ فَلاَ يَكُونُ إِلاَّ بِالْقُرْعَةِ لأََنَّهُ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ كَمَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ مُسْلِمٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ الْفَضْلِ بْنِ دُكَيْنٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ أَيْمَنَ حَدَّثَنِي ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا خَرَجَ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَطَارَتْ الْقُرْعَةُ عَلَى عَائِشَةَ، وَحَفْصَةَ، فَخَرَجَتَا مَعَهُ‏.‏

قال أبو محمد‏:‏ فَإِنْ خَرَجَ بِهَا كَمَا ذَكَرْنَا بِقُرْعَةٍ لَمْ يُحَاسِبْهُنَّ بِلَيَالِيِهِنَّ مَعَهُ فِي السَّفَرِ، لأََنَّهُ خَرَجَ بِهِنَّ بِحَقٍّ لاَ بِمَيْلٍ، وَلاَ بِحَيْفٍ، فَإِنْ خَرَجَ بِهَا بِغَيْرِ قُرْعَةٍ حَاسَبَهُنَّ بِتِلْكَ اللَّيَالِي، وَلَزِمَهُ فَرْضًا أَنْ يُوفِيَ الَّتِي لَمْ يُسَافِرْ بِهَا عَدَدَ تِلْكَ اللَّيَالِي وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي سُلَيْمَانَ وقال أبو حنيفة‏:‏ وَمَالِكٌ وَأَصْحَابُهُمَا‏:‏ يَخْرُجُ بِهَا بِغَيْرِ قُرْعَةٍ قال أبو محمد‏:‏ وَهَذَا بَاطِلٌ، لأََنَّ الْعَدْلَ بَيْنَ الزَّوْجَاتِ فَرْضٌ، كَمَا أَوْرَدْنَا، فَلاَ يَجُوزُ تَخْصِيصُ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِلاَّ مَا خَصَّهُ نَصٌّ، وَلَمْ يَخُصَّ النَّصُّ إِلاَّ السَّفَرَ بِالْقُرْعَةِ فَقَطْ، فَمَا عَدَا ذَلِكَ فَهُوَ ظُلْمٌ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

فإن قيل‏:‏ إنْ لَهُ أَنْ لاَ يُسَافِرَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ‏.‏

قلنا‏:‏ نَعَمْ، وَهُوَ عَدْلٌ بَيْنَهُنَّ فِي الْمَنْعِ، فَلَيْسَ بِذَلِكَ مَائِلاً إلَى إحْدَاهُنَّ‏.‏

وَأَمَّا إذَا سَافَرَ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ، فَقَدْ مَالَ إلَيْهَا، وَهَذَا ظُلْمٌ لاَ يَحِلُّ‏.‏ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1905 - مَسْأَلَةٌ‏:‏

وَلاَ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقْسِمَ لأَُمِّ وَلَدِهِ، وَلاَ لأََمَتِهِ مَعَ زَوْجَةٍ إنْ كَانَتْ وَهَذَا لاَ خِلاَفَ فِيهِ وَبُرْهَانُهُ‏:‏ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى‏:‏ ‏{‏فَإِنْ خِفْتُمْ أَنْ لاَ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ‏}‏ فَلَمْ يَجْعَلْ لِمِلْكِ الْيَمِينِ حَقًّا يَجِبُ فِيهِ الْعَدْلُ، فَإِذْ لاَ حَقَّ لَهُنَّ فِي الْقِسْمَةِ فَلاَ يَجُوزُ أَنْ يُشَارِكَ فِي الْوَاجِبِ مَنْ لاَ حَقَّ لَهُ فِيهِ مَعَ مَنْ لَهُ فِيهِ حَقٌّ، فَلَوْ طَابَتْ نَفْسُ الزَّوْجَةِ بِذَلِكَ فَلَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَقْسِمَ لأََمَتِهِ، لأََنَّهُ حَقُّ الزَّوْجَةِ طَابَتْ بِتَرْكِهِ نَفْسًا، لَكِنْ لَهُ أَنْ يَطَأَ أَمَتَهُ مَتَى شَاءَ كَمَا فَعَلَ عليه الصلاة والسلام بِمَارِيَةَ فِي يَوْمٍ أَيَّ نِسَائِهِ شَاءَ دُونَ قِسْمَةٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏

1906 - مَسْأَلَةٌ‏:‏

وَحَدُّ الْقِسْمَةِ لِلزَّوْجَاتِ‏:‏ مِنْ لَيْلَةٍ فَمَا زَادَ إلَى سَبْعٍ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ، وَلاَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى سَبْعٍ ‏.‏

وَقَالَ قَوْمٌ‏:‏ لاَ يَزِيدُ عَلَى ثَلاَثٍ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ‏.‏

وَقَالَتْ طَائِفَةٌ‏:‏ لاَ يَزِيدُ عَلَى لَيْلَةٍ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ‏:‏

رُوِّينَا ذَلِكَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْذِرِ النَّيْسَابُورِيِّ‏:‏ نَا بِذَلِكَ عَنْهُ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْجَسُورِ عَنْ مُنْذِرِ بْنِ سَعِيدٍ الْقَاضِي عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْمُنْذِرِ

قال أبو محمد‏:‏ برهان صِحَّةِ قَوْلِنَا‏:‏ مَا ذَكَرْنَاهُ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا مِنْ قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها‏:‏ إنْ سَبَّعْتُ لَكِ سَبَّعْتُ لِنِسَائِي فَصَحَّ أَنَّ لِلزَّوْجِ أَنْ يُسَبِّعَ وَمَا دُونَ السَّبْعِ جَائِزٌ بِجَوَازِ السَّبْعِ، لأََنَّهُ بَعْضُ السَّبْعِ، وَأَمَّا الزِّيَادَةُ عَلَى السَّبْعِ فَمَمْنُوعٌ لِمَا ذَكَرْنَا قَبْلُ مِنْ وُجُوبِ الْعَدْلِ بَيْنَهُنَّ فَلَوْ جَازَ أَكْثَرُ مِنْ سَبْعٍ لَكَانَ لَهُ أَنْ يَبِيتَ عِنْدَ الْوَاحِدَةِ مَا شَاءَ وَلَوْ أَعْوَامًا وَيَقُولُ‏:‏ سَأَقْسِمُ لِلْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ وَهَذَا بَاطِلٌ وَظُلْمٌ‏.‏ فَصَحَّ أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ مِنْ عَدَدِ اللَّيَالِي إِلاَّ مَا أَجَازَهُ النَّصُّ فَقَطْ، وَلَوْلاَ هَذَا الأَثَرُ مَا أَجَزْنَا أَكْثَرَ مِنْ لَيْلَةٍ وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ‏.‏ وَلَيْلَةً أَحَبُّ إلَيْنَا، لأََنَّهُ كَذَلِكَ جَاءَتْ الآثَارُ الثَّابِتَةُ مِنْ قَسْمِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأَُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنهن‏.‏

1907 - مَسْأَلَةٌ‏:‏

وَإِنْ وَهَبَتْ الْمَرْأَةُ لَيْلَتَهَا لِضَرَّتِهَا جَازَ ذَلِكَ، فَإِنْ بَدَا لَهَا فَرَجَعَتْ فِي ذَلِكَ، فَلَهَا ذَلِكَ

برهان ذَلِكَ‏:‏ مَا رُوِّينَا مِنْ طَرِيقِ أَحْمَدَ بْنِ شُعَيْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، هُوَ ابْنُ رَاهْوَيْهِ أَنَا جَرِيرٌ، هُوَ ابْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ‏:‏ أَنَّ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ لَمَّا كَبِرَتْ قَالَتْ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ، جَعَلْتُ يَوْمِي مِنْكَ لِعَائِشَةَ فَكَانَ عليه الصلاة والسلام يَقْسِمُ لِعَائِشَةَ يَوْمَيْنِ، يَوْمَهَا وَيَوْمَ سَوْدَةَ وَقَدْ صَحَّ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام اسْتَأْذَنَ نِسَاءَهُ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ أَنْ يَمْرَضَ فِي بَيْتِ عَائِشَةَ فَأَذِنَّ لَهُ فِي ذَلِكَ‏.‏

وَأَمَّا قَوْلُنَا‏:‏ إنَّ لَهَا الرُّجُوعَ فِي ذَلِكَ، فَلأََنَّ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ غَيْرُ الْيَوْمِ الَّذِي قَبْلَهُ بِلاَ شَكٍّ، وَلاَ تَجُوزُ هِبَةُ مَجْهُولٍ، فَإِنَّمَا هُوَ إبَاحَةُ حَادِثَةٍ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إذَا جَاءَ، فَلَهَا أَنْ لاَ تُحْدِثَ تِلْكَ الْإِبَاحَةَ وَأَنْ تَتَمَسَّكَ بِحَقِّهَا الَّذِي جَعَلَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهَا وَبِهِ جَلَّ وَعَزَّ نَتَأَيَّدُ‏.‏